لمـاذا لا تحـزن
لقد ذكر الله صفتين من صفات أهل الجنة ( صفة الحزن ، وصفة الإشفاق ) .
• الصفة الأولى : ( الحزن ) قال الله تعالى : { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ }
{ وَقَالُواْ الحمد للَّهِ الذى أَذْهَبَ عَنَّا الحزن }
والمعنى : أنهم يقولون هذه المقالة إذا دخلوا الجنة .
• قال الإمام الشوكاني رحمه الله ، في تفسيره :
1- قيل : حزن السيئات والذنوب ، وخوف ردّ الطاعات .
2- وقيل : ما كان يحزنهم في الدنيا من أمر يوم القيامة .
3- وقيل : أذهب الله عن أهل الجنة كل الأحزان ما كان منها لمعاش ، أو معاد ، فإن الدنيا ، وإن بلغ نعيمها أَيّاً ما بلغ لا تخلو من شوائب ونوائب تكثر لأجلها الأحزان .
4- وقيل لا يزالون وجلين من عذاب الله خائفين من عقابه ، مضطربي القلوب في كل حين ، هل تقبل أعمالهم أو تردّ؟ .
5- وقيل : حذرين من عاقبة السوء ، وخاتمة الشرّ ، ثم لا تزال همومهم وأحزانهم حتى يدخلوا الجنة .
6- وقيل : حزن زوال النعم وتقليب القلب، وخوف العاقبة .
• فانظر رعاك الله كيف أنهم لم يحزنوا على فوات الحظوظ
الدنيوية ، من مناصب ، أو شهادات ، أو شهوات ، أو ملذات ، أو صفقات، أو عقارات ، بل حزنو على
أمور الآخرة، من خوفهم ووجلهم وعدم علمهم عن مآل حالهم ومصيرهم بعد سؤالهم .
• الصفة الثانية : ( الإشفاق ) قال الله تعالى :
{ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ ? وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ? قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ? فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ? إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ } .
• قال الإمام ابن كثير في تفسيره : أي: قد كنا في الدار الدنيا ونحن بين أهلنا خائفين
من ربنا مشفقين من عذابه وعقابه،
{ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ } أي: فتصدق علينا وأجارنا مما نخاف.
{ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ } أي: نتضرع إليه فاستجاب الله لنا
وأعطانا سؤلنا، { إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ }.
• قال إبراهيم التيمي رحمه الله : ينبغي لمن لم يحزن أن يخاف أن لا يكون من أهل
الجنة ، لأنهم قالوا : الحمدلله الذي أذهب عنا الحزن .وينبغي لمن لم يشفق أن يخاف أن لا يكون
من أهل الجنة ، لأنهم قالوا :إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين
.
:
:
من كتاب ( كيف نرتقي في منازال السائرين إلى الله) /للشيخ خالد الحسينان